مقالات واخبار فنيه | مقابلة مع مدير المسرح هشام سليمان

 

بقلم هبة زعبي   

تعاون مسرح "الفرينج" بمدينة الناصرة مع الفنان البريطاني أدريان هاولس في عمل "غسل الروح" حيث يقدم به أدريان تجربة فريدة عرضها بعدة دول ومهرجانات عالمية. يعرض عمله بأسلوب "شخص أمام شخص"، يحظى المشترك بتجربة فريدة ويجلس براحة ويقوم أدريان بغسل رجليه ويدلكهما بكريم خاص ليريحهما من الثقل اليومي فهو يؤمن أن الاهتمام بكفات الأرجل يعطي راحة نفسية وجسديه.
استوحى أدريان فكرة العرض بعد أن زار البلاد ولاحظ التوتر بين الديانات الثلاث فرغب أن ينجز عملا إبداعيا يكون متنفسا بينهم. عرض عمله أخيرا على خشبة مسرح "أنسمبل الفرينج" أو كما يسمى أيضا "مسرح الهامش" وهو أول مسرح نصراوي للكبار وأنشئ عام 2007 في المركز الثقافي البلدي ومن المخطط أن ينتقل للعمل في أحد بيوت سوق الناصرة القديمة.
وينتمي "الفرينج" لأحد المذاهب التجريبية المسرحية التي انطلقت من اسكتلندا وتحول لمذهب عالمي تهتم مضامين أعماله بتقريب المشاهد من عالم المسرح ويعمل بميزانيات ضئيلة وفيه يشترك الممثل والمخرج والكاتب لتحقيق أهداف فنية ليست ربحية. و"الفرينج" مسرح صغير وفقير تعرض أعماله في أماكن غير مألوفة وعلى منصات صغيرة ويستخدم القليل من التقنيات والمعدات الفنية. أنجز"مسرح الهامش" أعمالا لاقت نجاحا وإقبالا جماهيريا وهي ما زالت تعرض حتى اليوم وكانت البداية مع مسرحية "ابن خلدون" ثم مسرحيدية "الولد" و آخرها مسرحية "مرة أخرى قصة حب" مع المخرج الروسي "فلاديمير جرانوف. ويتم في هذه الفترة التحضير لإنجاز العمل المسرحي "قواريط أمين".

مجلة
"باب المتوسط" حاورت مدير المسرح الفنان والمخرج "هشام سليمان". هشام سليمان من مواليد الناصرة عام 1978 درس فن التمثيل في معهد "يورام ليفنشتاين" بمدينة تل أبيب ويدير مسرح "الفرينج" من العام 2007 وهو من المبادرين المركزيين لتأسيسه.

مدير المسرح الفنان هشام سليمان

كيف تم تأسس "مسرح الفرينج" أو "مسرح الهامش"؟
اسم المشروع الذي يتبع له المسرح يدعى "المختبر الثقافي " أو "المسرح الجديد" ويشترك فيه ثلاثة شركاء وأهمهم بلدية الناصرة - دائرة الثقافة والرياضة والشباب والشريك الثاني مفعال هبايس والشريك الثالث "مسرح الفرينج –أنسمبل". أعلن مفعال هبايس عن المشروع وتوجهت حينها لبلدية الناصرة التي تعاونت معي كثيرا وقدمنا الطلب لإقامة المسرح وتم قبوله من بين عشرات الطلبات المقدمة من الوسط اليهودي والعربي.

هل يمكن أن تحدثنا عن تجربتك في عالم التمثيل؟
درست في معهد "يورام ليفنشتاين" وهذا المعهد يهتم بطلابه بطريقة يعتبر بها الممثل مبدعا متعدد القدرات والمواهب ويحاول توسيع أفاقه وتطوير قدراته كي لا يكون عمله مقتصرا على تقمص الشخصية فيتعلم الطالب الكتابة والإخراج ومهارات مسرحية أخرى ثم قدمت تجربة هامة مع المخرجة "نولا تشلطون" أثرت في مسيرتي الفنية فهي من المخرجين الرواد بالمجتمع الإسرائيلي وشاركتها بمسرحية "سمير ويونتان على كوكب المريخ" ومسرحية "الوقت الحقيقي". وتعاملت مع أغلبية المسارح المحلية والاسرائيلية. كانت لي تجربة على مسرح "الكاميري" و "هبما" وكانت عندي تجارب سينمائية وتلفزيونية عملت مع كم هائل من المخرجين والممثلين العرب واليهود المميزين واستفدت من تجاربهم والتي صقلت شخصيتي ورؤيتي الفنية. قدمت تجربة خاصة مع المخرج النرويجي مورتن كروج في مسرحية "العيون التي ترى" ويتميز هذا المخرج أنه استطاع تطوير طريقة إخراجية خاصة تعتمد على لغة الجسد والحركة وتعتمد على شخصية الممثل كمحور أساسي في المسرحية حيث يصاغ النص بحسب قصصه الشخصية وكيفية رؤيته للعالم من حوله من قضايا سياسية واجتماعية. اعتمدت المسرحية على قصصنا الشخصية وطريقة رؤيتنا للعالم وتناولنا مشاكله فلم نمثل بل حضرنا بشخصياتنا الحقيقية على الخشبة .

هل تشعر بوجود مكان للممثل العربي بالمسرح الإسرائيلي؟
لا أشعر بهذا لأن سياسة الدولة واضحة وصريحة وتعطي الأولوية للمحافظة على الكيان اليهودي ويعتبر الكثير من الفنانين الإسرائيليين أن إسرائيل هي موطنهم الوحيد ويطلبون منا التوجه للعمل في الدول العربية لأنهم يرون أن العالم العربي واسع ونحن كعرب لدينا إمكانيات كثيرة للعمل هناك وبالرغم من أن هناك فنانين يساريين لا يتبنون هذا النهج من التفكير.

كيف نجحت بعملك كمدير مسرح؟ وكيف تسيطر على الفنان الذي بداخلك؟
سأستمر بالعمل كفنان وتنوع تجربتي الفنية ساعدني كثيرا بالإدارة فمن المهم أن يكون مدير المسرح فنانا ويمزج بعمله رؤية فنية تبتعد عن الأهداف التجارية. ساعدتني خبرتي كمدرب مهني ((
couching بعملي كمدير حيث من خلالها أقرأ المستقبل بطريقة عملية وأقوم ببناء خطة إستراتيجية مستقبلية لكل حياتي تتناول الجانب المهني والعائلي. وضعت أمامي هدف إنشاء مؤسسة ثقافية تخدم المجتمع تكون بمدينة الناصرة. أنا أشعر بمسؤولية كبيرة تجاه مجتمعي وأرى أن على كل إنسان أن يقوم بدور فعال لخدمته ومن دون أن ينتظر مقابل عطاءه.

ما هي الخصوصية التي تحاولون المحافظة عليها في الأعمال المعروضة؟
من الضروري أن نطرح في المسرحيات المعروضة نصوصا تحمل مضمونا من الواقع المحلي حتى تنجح في مخاطبة عقلية الناس الآنية والحالية وتطرح بصورة قريبة من الأذهان والعقول. نهدف بعملنا إلى الانخراط في الحركة الثقافية المحلية والعالمية.

ما هي خططكم المستقبلية في تطوير المسرح؟
نسعى لإعطاء فرص لممثلين ومخرجين وكتاب شباب في العمل المسرحي. وأرغب أن يصبح المسرح مؤسسة ثقافية تستقطب أكبر عدد من الفنانين وتتحول لمسرح رائد في الحركة المحلية من دون أن تعيقنا الظروف المادية الصعبة في تحقيق هدفنا للاستمرار في المسيرة ومن المهم المحافظة على التجريب والجرأة والتجديد في المضامين وصقل الموهبة وإعطاء فرصة للممثل ونجعل منه محطة مهمة في الحركة المسرحية وتطورها. نهتم بالاشتراك بالمهرجانات المحلية والعالمية وسيكون لنا في العام 2009 عمل كلاسيكي وسنواصل عملنا مع الورشات المسرحية المختلفة وسننتقل للعمل في مكان مستقل ومجهز بالأجهزة المطلوبة وسيكون أحد بيوت السوق القديمة.

"ابن خلدون " و "الولد"و " مرة أخرى قصة حب"

تمزج مسرحية "ابن خلدون " بين الفكر الفلسفي الذي قدمه الفيلسوف ابن خلدون قبل 630 عاما مع نصوص مقتبسة من الأدب المحلي والعالمي ويحضر بشكله التقليدي. تتحدث المسرحية عن مواضيع متنوعة وعصرية تعرض خلال مشاهده المختلفة. نرى مشهد الأب الغاضب على ابنته لأنها لا تريد الزواج وتحبس نفسها في الحمام و مشهد فيه الابن يتحدث مع أبيه لأول مرة وبطريقة صريحة ومشهد للجيش الإسرائيلي يفجر بيتا لفلسطيني ومشهد زوجين يتحدثان في غرفة نومهما عن علاقتهما المشتركة وغيرها من المشاهد...
وعن المسرحية يعقب هشام سليمان وهو مخرج ومعد المسرحية : «تناولنا في المسرحية نصوصا عالمية ليونسكو وجوجل وغيرهم مع نصوص محلية ونحاول التأكيد من خلالها أن المسلمات الاجتماعية تستمر عشرات ومئات السنين. يظهر ابن خلدون في المسرحية بشكله التقليدي وبطرحه الفكري الثوري وبجرأته التي تتلاءم مع كل زمن بمضمون ذي بعد فلسفي عميق يمزج بين الماضي والحاضر ويحاول التحذير من الانحدار الأخلاقي والفساد وتتعمق فلسفته بالسلوك الإنساني ليساعد الإنسان أن يراقب نفسه فهو يطرح الجانب الإنساني السيئ والجانب الإنساني الجيد ويقارنهما».
مسرحيدية "الولد" من إخراج محمد منادرة وإعداد هشام سليمان وأداء حسن طه الذي نال عنها جائزة أحسن ممثل في مهرجان "مسرحية 2008 " وتستند المسرحية على نص فرنسي من خلاله تحاول التعمق بفترة طفولة البطل لاكتشاف العوامل التي أثرت على تكوين شخصيته والتي خلقت منه إنسانا مليئا بالعقد والمشاكل ويطرح القضايا بجرأة فكل إنسان يحمل بداخله ولدا يرغب أن يتشارك معه.
وبرعاية مسرح "الفرينج" أدار المخرج الروسي فلاديمير جرانوف ورشة عمل بمشاركة ثمانية من الممثلين الشباب لإكسابهم وتلقينهم أفكارا وتقنيات مسرحية جديدة ليقدموا بعدها عملهم المسرحي "مرة أخرى قصة حب". نصه غير كلامي يعتمد على لغة الجسد والموسيقى ويعتمد العمل على "البيوميكانيكا" مذهب مسرحي قديم طور في السنوات الأخيرة ويعتبر من أحدث المذاهب المسرحية العالمية ويصاغ نص العرض المسرحي ومضمونه باشتراك كل المجموعة ويعرض العمل بطريقة خاصة تعتمد على الارتجال والحركة والإيقاع والموسيقى ومركبات مسرحية مختلفة. وسيقدم هذا العمل المسرحي رؤية مختلفة عن العالم خالية من مفاهيم الحرب والدمار لتحقيق المحبة والوئام ويستند النص على قصة حب بين فنان تشكيلي وفنانة موسيقية الأول يشكو أصوات الموسيقى الصاخبة والثانية تشكو صوت المطرقة وتنشأ بين الاثنين قصة حب لا يستطيع أي منهما التحكم فيها ، يتحدث العمل عن الازدواجية في الشعور حين نحب أشخاصا وبنفس الوقت نكره صفات لا نحبها فيهم. وننوه أن المخرج يُدَرِّس فن الحركة في معاهد عالمية بلندن وباريس الأكاديمية السورية لفنون المسرح.

هبة زعبي
(11 ديسمبر 2008)