سماح بصول
بعد مسودات عدة لا يزال من الصعب البدء، هل يكون بكلمات مثل "يلا هشام.. نريد المزيد" أو "ابن خلدون.. اللي ما حضر خسر"، ويمكن أن تكون الفاتحة بجملة " ابن خلدون يتجسد على مسرح الفرينج الناصرة".. أو "ابن خلدون وهشام سليمان في انسمبل مدهش".. الجلوس على كرسي المتفرج كان بمثابة مغامرة اكبر من هذه الجمل، ومغامرتي بدأت بإعلان المخرج عن اسم مسرحيته" ابن خلدون" ومن ثم مدة المسرحية : ساعتين يتخللهما استراحة، تفاصيل جعلتني أقول في قرارة نفسي: أوووف!!
الفنان مروان عوكل
لا اعتقد انه مضت أكثر من دقيقتين على بدء المسرحية، طلة الفنان شادي سرور بهيبة لا تقل عن هيبة اسم الشخصية التاريخية التي يقدمها جعلتني اتخذ قراري بسرعة، تناولت هاتفي الخلوي- الذي احرص على أن يبقى "زمين" رغم طلب المخرجين غير ذلك، فانا أجده سلوى لي إذا ما شعرت بالملل أثناء المشاهدة- وأعلنت بإصرار: لا تتصلوا بي ولا تراسلوني قبل العاشرة والنصف!
الفنانة سناء لهب
مرت الساعتين، لم اشعر بالوقت وتخدرت قدرتي على مجاملة المخرج أو الممثلين بعد انتهاء العرض، فاكتفيت بابتسامة "يعطيك العافية.. كان حلو" لتبدأ رحلتي مع الكلمات.. يمكنني التوقف هنا فالرسالة وصلت.. أليس كذلك؟
لا شك لدي بان ما قدمه المخرج هشام سليمان من قبل على خشبة المسرح مثل "ما وراء الباب" أو "ممنوع" كانت مقدمات لعمل كبير، فتخيلت هشام كساحر بدأ حياته المهنية بخدعة المنديل البسيطة ومن ثم يُسكر خيال مشاهديه بخدع أخرى أكثر دهاءا وذكاءا وتأثر.. وروعة.
الفنان شادي سرور
من قلب الواقع وبانسجام مدهش بين "مقدمة ابن خلدون" والأدب الإسرائيلي والعالمي المختار بعناية، تأتينا مشاهد مسرحية تقول لنا بكل صراحة:" أنا اسخر منك"، مشاهد إذا تابعتها بكل حواسك تجد نفسك على خشبة المسرح تستبدل احد الممثلين، حتى إن لم تشأ أن تعريك صراحة المشاهد أمام الآخرين فإنها على الأقل تعريك أمام نفسك، وتعال نفكر معا: من منا ليس جنديا في معركة التربية والتعليم في الوسط العربي، المعركة الخاسرة منذ حوالي ستين عاما؟ من غيري وغيرك يخبئ شيئا ما وراء ماركات "جوتشي" و "فيرساتشي" التي يكسي بها جسده؟ من منا – في ظل فكرة النظام الرأسمالي الآخذة بالتفشي- لا يتعلم فن "المصاري" منذ جيل الثانية؟ من منا لا تلفته النسب المتجهة إلى الأعلى نحو اللانهاية من مشاكل الحياة الزوجية المتأثرة من صناعة الأفلام "الزرقاء"، والطلاق الذي كان يوما عارا على مجتمع بأكمله أصبح اليوم "إن ن" يعني "بالموضة" !! وشو مع القضية.. الاحتلال الإسرائيلي الذي يبدو أحيانا أن نهاية العالم ستأتي قبل نهاية ذلك الاحتلال، ووقوف العالم مكتوف الأيدي – بمزاجه أو غصبا عنه- أمام مجازر يومية ترتكب بحق شعب يأبى الموت؟ و...
شو مع الممثلين؟
وفق ما شاهدته على المسرح فإن : شادي سرور.. اذكر صوت مميز له رنين درامي خاص منذ عمل "سيداتي سادتي" والآن بشخصية "ابن خلدون".. قلة من ممثلينا يمكنهم كسب وضع عمامة ابن خلدون فوق رؤوسهم وشادي أولهم، تميز شادي وانبهاري بوقفته على المسرح ليجسد شخصية يقف التاريخ كله احتراما لإبداعها تجعل الآتي من مقالي هو النقطة.
سناء لهب.. منذ أن عرفت سناء على الخشبة وهي تلفتني، أسلوب يجعلها تتنقل بسرعة مقنعة بين الشخصيات، لا شك أن لسناء حضور وصوت يقولان لك "أنا هنا" وتجسيدها للشخصية بكامل التفاصيل – بالذات في مشهد "فندق بلازا"- يذكر بقوة بعدد من نساء حارتي وحارتك ومجتمعنا اللاهث وراء الشكليات.
الفنانان حسن طه وميساء خميس
حسن طه.. كما يقولون في هوليوود "الأمر الكبير القادم" وعلى مسرحنا العربي اعتقد أن حسن طه، إن لم يكن لوحده فانه سيكون برفقة عدد من الممثلين الشباب "الممثل الجيد القادم". نجح حسن في تقديم الشخصيات المختلفة ببراعة وحتى في "الشوو" كان مقنعا رغم أني كنت أتمنى أن يبذلوا فيه جهدا اكبر في مجال الرقص والحركة.
وحتى يكون المقال نوعا ما "فيير" أي منصف أود أن اذكر كل الأشخاص الذين وقعوا أسماءهم على هذا العمل، لكن بداية حتى أدغدغ في القارئ رغبة في مشاهدة العمل اكتب له بروح حياتنا اليومية: التقى المؤرخ العرب ابن خلدون ذات يوم على طاولة المفاوضات- - بوساطة هشام سليمان- مع الكاتب ايلان حتسور (مسرحية مراقب الدولة)، والكاتب انجمر بريجمن (مسرحية صور من الحياة الزوجية)، الى جانب حانوخ لفين (مشهد "عملية رد في الربيع") والكاتب الشاب اتجار كيرت (قصة كسر الخنزير)، الكاتب نيل سايمون (مسرحية فندق بلازا) والكاتب يوجين يونسكو (مسرحية الدرس). واتفقت المجموعة على أن "ابن خلدون" يجب أن..
العمل المسرحي "ابن خلدون" إعداد وإخراج: هشام سليمان، تمثيل: مروان عوكل، سناء لهب، شادي سرور، ميساء خميس وحسن طه، ترجمة واعداد مشاهد طارق قبطي، إعداد نصوص ابن خلدون: ناجي ظاهر، موسيقى: وسام جبران، ديكور وملابس: طالي يتسحاكي، إضاءة: اسي جوستمن، تدريب حركة: رشا جهشان، توجيه نطق: مها عبود، تنسيق ملابس: جابر عباس، مساعد إنتاج: محمود مسلمي، تقني إضاءة: وسيم صالح ، تصوير: علاء سريس، تنفيذ ديكور: سمير حوا. إنتاج: مسرح انسمبل فرينج الناصرة.